مدير كرسي الألكسو إيهاب القسطاوي :" قد حان الوقت لولادة هوية جديدة تركز على اهتمامات الأطفال"

لينا وهب • ٢٠ يوليو ٢٠٢٣

مدير كرسي الألكسو إيهاب القسطاوي :" قد حان الوقت لولادة هوية جديدة تركز على اهتمامات الأطفال"- خاص لبنان الحدث
مقابلة أجرتها لينا وهب 

في زمن أصبح فيه الطفل الصغير، منذ أن يخرج من بطن أمّه إلى هذه الدنيا، يفتح عيناه على كاميرات الهواتف تلتقط صوره وتوزعها على وسائل التواصل الاجتماعي؛ فيتلفت عن اليمين وعن اليسار، بوعي صفر بحكم الطفولة، وعلى فطرة ربه السليمة النقية، والجميع من حوله يمسكون الهواتف الذكية المتصلة بالانترنت المفتوح على عالم واسع فيه ما فيه من الشر مثلما ما فيه من الخير، حيث كل شيء متاح ومباح بفعل تكنولوجيا العصر الذي ولد فيه. وبالملاحظة يمكن إدراك خطورة تراجع حب الأطفال للقراءة مقارنةً مع تعلقهم بمشاهدة الفيديوهات والصور على وسائل التواصل الاجتماعي، وكل ذلك وإن كان قد يكون فيه فوائد في بعض النواحي لكنه يحمل أيضًا من المخاطر ما يحمل في تشكيل وعيهم؛ وبالتالي تغيير المجتمعات وثقافاتها.
 ومن هنا أتت هذه المقابلة التي أجراها موقع لبنان الحدث مع مدير كرسي الألسكو والكاتب المصري إيهاب القسطاوي في سبيل معرفة كل ما يتعلق بتنشئة وتربية الأطفال في بيئة سليمة، ولتفنيد المخاطر المحتملة.
السؤال الأوّل: كيف يمكن إعادة تحفيز الأطفال على القراءة بطرق خلاقة وجديدة تواكب العصر التكنولوجي؟
الجواب: "في البداية أود أن أوضح إن الجهود الرامية للنهوض بالأدب الموجه للأطفال عربياً ، فى سبيل تشجيع الأطفال على القراءة ، تصطدم بحزمة من التحديات، الأمر الذي يؤكد الحاجة لوضع رؤية قابلة للتطبيق للتعامل مع تلك التحديات، ولعل أبرز تلك التحديات تتمثّل في أن أدب الأطفال يُصاغ بلغة لا تتصل بمفهوم اللغة التي تخدم الطفل وتبلور أهدافه، وهنا اقصد اللغة التي تمكّن الطفل من فهم الآخرين ، وعبرها نستطيع أن نشرح للطفل ما نريده منه، ويستطيع الطفل، في المقابل ، أن يتعلّم ما يريد قوله ويتمكن من التعبير عن ذاته ، كذلك أن أحد التحديات الأخرى التي تعيق تقدم الأدب الموجه للأطفال بالعالم العربي ، هو ظاهرة الدخلاء على المشهد الأدبي ، وهي ظاهرة تسببت في إحداث مزيد من السطحية والإرتباك في مجال أدب الطفل ، فظهور هؤلاء الدخلاء في المشهد الأدبي وحقل أدب الأطفال ، سببه "المجاملات" في بعض المؤسسات المعنية بالنشر، وأن الأمر امتد من عالم الكتابة الإبداعية إلى عالم النقد الأدبي، ليقوم الدخلاء على المشهد النقدي ، بنقد مؤلفات الدخلاء على المشهد الإبداعي، فيمنحونهم "صكوك الإجادة في الإبداع"، و أن مستقبل أدب الأطفال بالعالم العربي مرتبط بطبيعة اللحظة المرتبكة التي يعيشها في الحاضر، و أرى أنه من الضروري تخصيص وقت للمطالعة لتصبح جزءاً من روتين الحياة اليومية ، واعتبارها عادة وقيمة يجب تعزيزها لبالغ أهميتها في بناء شخصية الطفل".

السوائل الثاني: "كيف يمكن إعادة الأطفال للألعاب التقليدية الاجتماعية التفاعلية مع محيطهم وإبعادهم شيئاً فشيئًا عن الانغماس بالعالم الالكتروني بعيدا عن محيطهم العائلي والاجتماعي الفعلي؟
الجواب: مما لا شك فيه أن للتكنولوجيا دور لا يمكن إنكاره في تعليم الطفل وتنمية ذكائه وتنشيط ذاكرته ، فقد أظهرت الدراسات مؤخراً أنَّ تأثير المشاهد المرئية في ثقافة الطفل ، قد تصل إلى نسبة 40%، في حين تُمثل الأسرة ، والمدرسة، والجيران، والمجتمع مجتمعين النسبة المتبقية ، لكن بادئ ذي بدء علينا جميعًا أن ندرك أن هناك أسباب جوهرية لانجذاب الطفل إلى استخدام التكنولوجيا الحديثة، ومن أهم هذه الأسباب هو أن الطفل يلجأ لاستخدام هذه الوسائل من أجل التسلية، وخاصًة عندما يقوم الأهل بمنع الأطفال من ممارسة بعض الرياضات خارج البيت، مما يجعل الطفل دائمًا في حاجة إلى ملء وقت فراغه، هذا بالإضافة إلى أن الوسائل التكنولوجية أصبحت سهلة لاستخدام الطفل ، فيجد فيها ما يناسب رغباته وأفكاره وخياله الواسع، ممّا يجعله يندمج بشكل سريع ويستمتع بهذه الوسائل ، لذلك أعتقد أنه مخطئٌ من يظن أن استخدام الأساليب التعليمية والتربوية القديمة مع جيل هذا اليوم ستجدي نفعا ، لكن هذا لا ينافي حقيقة لما للألعاب الشعبية من أهمية قصوى في نمو الطفل واتزانه النفسي والجسدي ، باعتبارها وسيطاً يعمل بدرجة کبيرة على تشکيل شخصية الطفل بأبعادها المختلفة، وكذلك لما تسهم في النمو الاجتماعي والانفعالي والجسمي والعقلي للطفل، علاوة على أنها تتضمن العديد من المفردات التي تؤثر في التشکيل الثقافي والبيئي للناشئة".

السؤال الثالث: ما هي الخطوات التي قمتم بها من موقعكم في هذا الاتجاه؟
جواب:" الحقيقية هناك عدة مشاريع إعكف علىها حالياً وعلى سبيل المثال لا الحصر ، إعكف حاليًا على انشاء قاعدة بيانات حقيقية على أرض الواقع للطفولة العربيّة من خلال تبادل المعلومات البحثية مع الجامعات ومراكز البحوث الأخرى ، كذلك العمل على تدشين المنصة العربية لتعليم الأطفال ، أيضا احضر لبعض المبادرات للدعم النفسي والإجتماعي للأطفال في ظل الأزمات والحروب من أجل اعادت توازنهم النفسي والاجتماعي ، كذلك اعمل على تدشين اذاعة الطفل العربى وسوف تكون اول اذاعة من نوعها فى العالم لان من سوف يقدم برامجها المتنوعة هم الاطفال بانفسهم بمعنى سوف تكون من الاطفال الى الاطفال ، كذلك اعمل على اعداد قاعدة بيانات للموهوبين فى الوطن العربى لدعهم ولتنمية موهوبهم كذلك الاعداد لمبادرة سفراء البيئة على مستوى الوطن العربى والتحضير لاول مهرجان ادبى من نوعه فى الوطن العربى وهو مهرجان ليبيا العربى لادب اليافعين وكذلك اول اوبريت للعرائس تحاكى البيئة المحلية لجميع بلدان الوطن العربى وغيرها من المشاريع الموجهه للطفل العربى".

السؤال الرابع: ما هي المشاريع أو البرامج المستقبلية التي تعملون عليها لتشجيع الأطفال على القراءة وحمايتهم من مخاطر الانترنت والادمان عليه؟
الجواب: " لقد حان الوقت لولادة هوية جديدة ، تركز على اهتمامات وتطلعات الأطفال اليوم ، وتعبر عنهم ، وتقدم لهم مادةً تربوية جريئةً وعصريةً بطرحها ، فحينما تغرب شمس الثقافة ، ويفسد الذوق العام ، وتتراجع فنون الأدب ، تتدنى الأخلاق ، ويصبح الأقزام في أحجام العمالقة، ويخفت صوت العُقلاء ويعلو صوت الجُهلاء وتسود السطحية، تتبدّل المعايير وتتغيّر المفاهيم عند العوام ، فيضعون الصغير مكان الكبير ، والجاهل مكان العالم ، ويقدمون التفاهة على القيمة ، فتنشأ أجيال لديها شعور راسخ أن التدنّي والرداءة هما القاعدة وغيرهما استثناء، والسبب هو مسخ القدوة التي تتصدر شاشات الإعلام الذي يشكل وعي الأجيال ، ويؤثر في ثقافتهم وصناعة سلوكياتهم، لذلك اعمل جاهدا على بللورة اطار لتنشئة جيل عربي واعي بقضية التراث والهوية الوطنية وكيفية الحفاظ على هويتنا العربية في ظل الثقافات الغريبة التي تحاصرها فيقول الكاتب والأديب إيهاب القسطاوي: أن شخصية الطفل تتأثر بعدة عوامل متشابكة منها: أدبُ الأطفالِ ومناهجُ التّدريسِ والتّربيةُ المدرسيّةُ والإعلامُ، لذلك أرى لو تم التعاملْ معَ اللغة والمحتوى بمسئولية وطنية كفكرٍ، فستساهم حتمًا في صياغة الهويّةِ ومن ثم الحفاظ عليها وحمايتها".

السؤال الخامس: هل هناك تعاون أو تنسيق على الصعيد العربي والدولي لتعزيز الجانب الثقافي والتربوي للأطفال في ظل عام مفتوح على بعضه البعض بفعل التكنولوجيا؟
الجواب: "هناك تلاقي الرغبة في الشراكة مع مختلف المؤسسات المحلية والدولية وعلى رأسها اللجان الوطنية العربية للتربية والثقافة، وكذا تعزيز التعاون والتبادل المعرفي وتطوير البرامج الأكاديمية والبحثية مع الجامعات العالمية الناجحة والتوأمة معها بغرض بناء القدرات العلمية وتوفير البنى الأساسية لتبادل المعلومات الخاصة بواقع الطفولة العربية وتوطين المعرفة وإنتاجها، ووضع سياسات شاملة للبحث العلمي لواقع الطفولة لأجل توطين الثقافة عن طريق النقل السريع للمعارف والتقنيات ودعم تطوبر مؤسسات البحث العلمي والتعليم العالي في الوطن العربي بما ينسجم واحتياجاته وأولوياته الآنيّة وكذلك المستقبلية".