فلنتقاسم الشرق الأوسط مع أميركا وإبران

لينا وهب • ١٧ أغسطس ٢٠٢٣


لن تهنىء بلدان الشرق الأوسط بالاستقرار السياسي وبالتالي الاقتصادي فالإجتماعي ما لم يتم توصيف المشكلة الأساس خلف كل خلل ونزاع وتوتر سياسي، وركود اقتصادي، وتزعزع اجتماعي. 
الأمر من غير تعقيد ليس موضوع فساد داخلي وحسب، فما الفساد إلا وليدة العجز عن تحقيق الرضا السياسي والاقتصادي والاجتماعي على المستوى المحلي والإقليمي والدولي. فدول الشرق الأوسط المعروفة كمحط مطامع الدول الكبرى وعلى رأسها أميركا الدولة الأقوى بعد الحرب العالمية الثانية تملك من الموقع الجغرافي الاستراتيجي ومن الموارد الطبيعية المتجددة وغير المتجددة ما تملك ما يجعلها منطقة نزاع بجدارة لكل باحث عن تميز جيوسياسي أو نفوذ سياسي واسع النطاق. 
بالأمس كادت أميركا أن تكون القوى الوحيدة في العالم القادرة على فرض قرارتها السياسية وتنفيذ رغباتها في أجنداتها الإقتصادية من بوابة الشرق الأوسط المليئة بعناصر مغذية من الموارد والمقدرات التي زادت من نفوذ أميركا وتفوقها السياسي والافتصادي بقوة التقوق العسكري الأميركي حيث ورد في صلب الدستور الأميركي بشكل ضمني قوة الكونغرس كعنصر أساسي في قدرات وسيطرة أميركا على مقدرات العالم حيث جاء في نص الفقرة الثامنة من المادة الأولى من الدستور الأميركي حق الكونجرس في "إعلان الحرب، والتفويض برد الاعتداء والاستيلاء على السفن والبضائع، ووضع قواعد تتعلق بالاستيلاء على غنائم في البر والبحر"، وجاء في الدستور الأميركي الحق بإقتناء الأسلحة حيث نص على ما يلي: "حيث أن وجود مليشيا حسنة التنظيم ضروري لأمن أية ولاية حرة، لا يجوز التعرض لحق الناس في اقتناء أسلحة وحملها"، وفيما سبق دلالة على المنطق الأميركي باعتماد القوة العسكرية كمدخل لتوسعة دائرة نفوذها السياسية والاقتصادية، وهذا همها الأكبر أن تبقى العملاق الاقتصادي العالمي ولو بالقوة والاستيلاء على مقدرات غيرها من البلاد وعلى وجه التحديد خيرات بلاد الشرق الأوسط. فيبدو جليًا أن أميركا لا تريد من الشرق الأوسط إلا ما فيه من إمدادات نفطية للمحافظة على قوتها العسكرية والاقتصادية وبالتالي فرض إرادتها السياسية على دول العالم..
إلى أن ظهرت إيران كقوة معتبرة بكادرها البشري وصناعتها العسكرية الغير متوقعة فاستطاعت من خلال دعم بعض الجماعات في الشرق الأوسط بالعتاد والأسلحة لخوض أي قتال للدفاع عن أنفسهم، ليس على قاعدة المحبّة الغير مشروطة إنما لتنفيذ أجندتها السياسىة، لإقامة حكومة إسلامية موحدة عملاً بما ورد في دستورها في مواضع عدّة ولسيما في المادة (154) التي نصت بأن الجمهورية الإيرانية تعتني بـ «سعادة الإنسان في المجتمع البشري كله، قضيةً مقدسة لها، وتعتبر الاستقلال والحرية وإقامة حكومة الحق والعدل، حقَاً لجميع الناس في أرجاء العالم كافة، وعليه فإن جمهورية إيران الإسلامية تقوم بدعم النضال المشروع للمستضعفين ضد المستكبرين في أي نقطةٍ من العالم. وفي الوقت نفسه، لا تتدخل في الشؤون الداخلية للشعوب الأخرى»، وكذلك في مقدمة الدستور حيث صرح عن الرغبة الإيرانية من وراء الثورة الإسلامية الكبرى فنصّ على ما يلي: "لقد أتمّ مجلس الخبراء المؤلّف من ممثلي الشعب، تدوين هذا الدستور.. في مستهلّ القرن الخامس عشر لهجرة الرسول الأكرم.. على أمل أن يكون هذا القرن قرن تحقّق الحكومة العالمية للمستضعفين، وهزيمة المستكبرين كافة". والواضح من ممارسات الدولة الإيرانية أن هدفها كقوة عظمى صاعدة هو بسط نفوذها في دول الشرق الأوسط تحقيقًا لأهداف عقائدية بحت حيث لا مصالح مادية لها وهي المليئة بالنفط والموارد الطبيعة المختلفة والبارزة في السنوات الأخيرة بقدرات مواردها البشرية على صعيد الإبتكارات والصناعات المختلفة ومنها الأسلحة العسكرية النوعية والصناعات النووية التي حجزت لإيران مكانة لها في صالون القوة العظمى المنافسة لأميركا. إذًا الواضح هنا أن إيران لم تصنع قوتها على ظهر الشرق الأوسط وشعبه بل أثبتت نفسها بتفوقها في الصناعات العسكرية وغير العسكرية على الرغم من الحصار الأميركي والعقوبات الدولية المفروضة عليها مما جعلها عنصر عنيد في مقاومة رغبات أميركا وأجندتها السياسية، بل ومنافس لها، وإنما بأجندة مختلفة عنها.
فبين ما تريده أميركا من الشرق الأوسط وما تريده إيران نقاط نزاع تنعكس على القرارات والمواقف السياسية وعلى الاقتصاد في المنطقة، فما هي الحلول للحؤول دون عودة الشرق الأوسط إلى العصر الحجري ولتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي؟