ما أقبح الحسد! بل ما أقبح الحقد! بل ما أقبح الخبث! ولكن ماذا إن جُمع الحسد والحقد والخبث في إنسان؟!
للأسف كثيراً، أو دعوني أقول قليلاً بداعي الإيجابية، ما نصادف أشخاص يشوهون نقاء الإنسانية والفطرة السليمة التي ولد الإنسان عليها من حب الخير للآخرين، فينكشف ذلك إمّا بالحاسة السادسة بشكل غير مباشر، وإمّا بشكل مباشر من خلال النظرات المتكلفة والمتصنعة ودًّا، والتي تخفي حسدًا وحقدًا يترجم في أول فرصة سلوكًا ينبع من قلب يفيض بالغل وشيئًا من الغيرة أحياناً.
حقيقةً يصعب عليّ فهم سبب ذلك الشعور الذي ينتاب صاحب القلب الأسود، المجبول من طينة ملؤها الغل والحقد والخبث والحسد، من رغبة في زوال النعمة عن صاحبها، فكيف لا يفرح الإنسان لأخيه الإنسان إن رأى نعمةٌ مسته، بل كيف يتمنى زوال النعمة عنه، حقيقةً لا أفهم ذلك!
نعم، أستطيع أن أفهم أن الحسد قد يحدث عن غير قصد، ففي بعض الاستثناءات قد يكون من قلبٍ طاهرٍ محبّ لا يشوبه شائبة، كأن يصيب الوالدين ولدهما بالعين من شدّة حبهما له على سبيل المثال عندما لا يفتآن عن مدحه أمام الأنام ومنهم المحبّ ومنهم المغبط ومنهم المغرض، فيلحق بهم ما يلحق من أذى صيبة العين في بعض الأحيان، ما يجعل الصمت وعدم التباهي في تلك الحالة ضرورة في حفظ النعم.
وأستطيع أن أفهم أن يغبط إنسانٌ ما إنسان آخر من ذوي النعمة أو النعم فيتمنى أن يكون له ما يكون من خير دون أي أدنى حسد أو حقد أو غل اتجاه صاحب النعمة بل العكس صحيح في القلوب النقية العامرة بحب الخير لغيرها وإن تمنت الخير نفسه لنفسها فإن ذلك مشروع ولا إشكال أو عيب فيه، فما الضير في أن يتمنى كل إنسان كل الخير لكل إنسان ولنفسه دون أن يتمنى زوال النعمة عن صاحبها؟!
لا شك بأنه ليس من الخطأ في شيء حب الخير لأنفسنا ولكن أيضاً من الجميل أن نفرح لغيرنا إن مسه خير وإن لم ننل منه قيد أنملة، لأن ما نناله من رضا عن الذات ونقاء القلب أهم بكثير من ما هو أدنى.