زمن فيه شذوذ وذكاء اصطناعي لا أمان له
بقلم لينا وهب
ليس ببعيد عن أسماعكم، وربما أبصاركم معاينة ظاهرة الشذوذ الجنسي والأخلاقي من اغتصاب وتحرش وبوسائل متطورة علانيةً وبتجمعات بشرية على البث المباشر عبر الهواتف الذكية تستدرج وعي الأجيال الفتية الأسيرة لتكنولوجيا تعايشت معها منذ اللحظة الأولى عند الولادة حيث تتجمع الكاميرات والهواتف الذكية أمام المولود منذ أولى لحظات خروجه من رحم أمّه الآمن إلى هذا الزمن المرعب.
فلقد أصبح الوثوق بالمشاهير والمدارس والأصدقاء وغيرهم من المحيط المجتمعي أمر يتطلب التفكير مرتين، فأعمى من لا يرى، وصم من لم يسمع بما يجري، وأبكم من لا يرفع الصوت عاليًا لحماية فلذات أكبادنا، جيل هذا اليوم، من الأبناء والبنات والأخوة والأخوات.
فبالأمس سمعنا عن حادثة اغتصاب أستاذ لتلاميذه القاصرين في إحدى مدارس كفرشيما وآخر مسن في الخمسين من عمره اغتصب طفلاً لم يكمل عقده الأول بعد، ولم يبلغ الحلم، وقبله فضيحة التيكتوكرز الذين استدرجوا قاصرين بزهرة الشباب، يافعين لم يقبلوا على الحياة بعد، إلى حفلة كوكتيل بعناوين بريئة وبراقة وبأفخاخ خبيثة تحمل في طياتها استدراج وتخدير واغتصاب وابتزاز وترويج للمخدرات وتعاطيها... وما خفي أعظم...
زمن كهذا إن لم نطلق عليه الزمن الصعب فماذا نطلق عليه، بحيث باتت تربية الأبناء وحمايتهم من شر الخارج مهمّة المهمات، والجهاد الأكبر الذي يتطلب جهوداً استثنائية وحذر يرافقه تأنٍ ومتابعة ومراقبة من غير كلل أو ملل بشروط صعبة أهمّها ألا يشعر الأطفال بأن أمنهم مستهدف، وأن لا ثقة بهم، وفي الوقت نفسه توعية قلوبهم البريئة على أن الشر في هذا العالم موجود، وأنّه لا يمكن الوثوق بأيّ كان، وأن مهما حصل فإن إخبار الأهل غالبًا طوق نجاة لهم...
عجيب هذا الزمن، فقلّ ما تجد من رجل غيور وامرأة خجولة، فالحياء مفقود والقوامون على ما ملكة أيمانهم مشغولون بغير ما ملكوا لاهية قلوبهم وعقولهم بالشهوات أو بغير سبب أمام الهواتف الذكية وغيرها من الأمور بعيدًا عن الأسرة.
أما الدولة ففي هذا الشأن تسعى بما أوتيت من قدرة ومعرفة للحد من ظواهر اللأمان، غير أن زمناً فيه إنترنت وهواتف ذكية بين أيادي الصغار والكبار هو زمن لا يمكن ضبطه بسهولة، إلا إذا أُخِذ إجراءات وتدابير لهذه الغاية بمواكبة مستمرة وأنشطة توعوية مكثفة وبقضاء يحاسب، ويقتص من المذنبين بأقصى عقوبة ممكنة حتى يعتبر من يعتبر وإلا فلا أمان، وبذلك الحذر ضرورة وأوجب الواجبات.