مخطئ من يعوّل على تسوية بالقريب العاجل مع الكيان الإسرائيلي. فالحرب قد وضعت أوزارها حقًا، وإن أي تسوية لن تكون بالأمر السهل لا على إسرائيل ولا حتى على المقاومة في فلسطين ولبنان. ففاتورة الدماء التي ارتقت بأصحابها شهداء في العلياء باهظ الثمن، وإلا فإلى المذلة الأزلية ونحر العروبة والارتباط الديني بالمقدسات الفلسطينية ومبادئ القومية العربية والإسلامية والإنسانية. أيعقل أن تذهب المقاومة إلى التسوية من دون تحقيق أهداف ترقى إلى الأخذ بحق دماء الشهداء التي سقطة على تراب فلسطين المغصوب والمطمور بركام المباني التي يعلوها عوائل مشردة!
نعم، لتوسيع الحرب أثمان باهظة، وليس بالسهل على أي قيادة عسكرية أخذ قرار توسيع نطاق الحرب، فليس من حرب، لا تضحيات فيها، فللحرب قواعدها والنصر لمن ينتصر بالعزم والإرادة والصبر على أحياء ومباني ودماء تسقط.
الحماس للحرب من دون حكمة وعقلانية وإدراك ووعي واستشراف لما خلالها وما بعد بعدها إنما ضرب من الجنون، ولكن أيضًا خوض التضحيات وإطلاق العنان لتسطير البطولات لا يمكن أن ينتهي بذل التسوية المفصلة على رضا العدو المجرم، وإلا ستكون سقطة ما بعدها سقطة بتاريخ المقاومة.
حزب الله يلعب بذكاء على أكثر من صعيد بغموضه الواضح كعين الشمس لمن يرى. هو يفسح لحماس والمقاومة الفلسطينية ساحات الوغى لتعزيز ثقة الفلسطينيين بأنفسهم بأنهم قادرون على تحرير أنفسهم وأرضهم من ذل وعار الاحتلال وبالتالي لهذا الأمر استقطاب لعواطف العرب من أهل السنة والمسلمين على نحو جامع. وهو في الوقت نفسه بصدد الجهوزية الكاملة استعدادا لأي رشقة حرب محتملة.
غير أن حزب الله يعي أن ساعة يقحمه العدو أو لحظة يحتاج إليه شركاء المقاومة فهو سوف يكون السباق لنصرة من استنصره.
لذلك كله وما خفي أعظم فليتهور العدو علها تكون لحظة نهايته، وليبقى محور المقاومة على صمته مرعبًا كيان العدو، ففي غضون أسبوعين إما أن ينهار العدو فيعقل، ويتراجع مستجديًا تسوية على مقاس المقاومة أو أن يهذي، ويرتبك ويجن جنونه فيحفر حفرة جهنم لنفسه، ويوسع دائرة الحرب التي هو نفسه لا يضمن أن ينتصر فيها بل يكاد يكون شبه مؤكد أنه لا ينتصر فيها.