منذ أشهر قليلة، وقبل وفاة الشيخ عفيف النابلسي، تطرأ أحد الأشخاص من النخب الثقافية في محادثة على الواتسأب حول الشيخ عفيف النابلسي، رئيس هيئة علماء جبل عامل، الذي كنت أجهل عن فكره وتاريخه الكثير ليس لأنه لم يترك أثرًا فكريًا أو ثقافيثا ملموسًا بل لجهلي بمسألة أن كثر من نراهم ونعرفهم اليوم من نخب فكرية وثقافية وما نراه من إنجازات في التعليم وإنتصارات على العدو الإسرائيلي يعود جزء من فضله إلى الشيخ عفيف النابلسي بنسبة يُعتنى بها، إذ كان الشيخ النابلسي من رعيل العلماء الذين تشهد لهم مسيرتهم الفكرية دعم القضية الفلسطينية ومقاومة الإحتلال الإسرائيلي، كما ودعم مختلف القضايا الإنسانية.
صحيح أن الشيخ عفيف النابلسي غني عن التعريف ولكن لا بد من كلمة تكتب هنا عن فكره لحفظ سيرته العطرة جيلاً بعد جيل ليبقى فكره المناصر للقضايا المحقة بوجه الباطل حيًّا ينبض في عروق أطفال اليوم وشباب المستقبل، حفاظًا على بنية المجتمع الإسلامي الموحد القائم على الإعتدال والتقريب بين المذاهب، وحفاظًا على الفكر المقاوم الذي تميّز به سماحته والذي تربت عليه الأجيال السابقة. فلقد كان سماحته من الدعاة إلى الإصلاح بوجه أي فساد ومن الحريصين على وحدة الأمة الإسلامية ودرء الفتن بحيث كان سماحته يرفض الفكر التكفيري وخطاب الكراهية، رافضًا الفكر المتطرف، وقد تجسد ذلك في تصريحاته ومقولاته وكتاباته الجمّة ومنها :" إن العنف لا يشكل حلاً والإجبار لا يجعل المنافق مؤمناً"، وقوله بأن "نبذ الخلافات والتمسك بخيار المقاومة هما الكفيلان بإفشال الأهداف الاستكبارية"، وقوله "أي نصر لن يتحقق إلا إذا جاء من يعمل لتحقيق ظروف النصر بالاستعداد والتجهيز والرباط وبناء القوة والإرادة على تجاوز الذات وراحتها ورفاهيتها من أجل المبدأ والعقيدة والحق والعدالة". فكما يقول أمير المؤمنين على ابن ابي طالب "تَكَلّمُوا تُعْرَفُوا، فَإنّ المَرْءَ مَخْبُوءٌ تَحْتَ لِسَانِهِ" وهكذا فإن فكر الشيخ عفيف النابلسي قد عكسته مقولاته ومؤلفاته وتصريحاته التي وثقتها وسائل الإعلام، وشهد لها لفيف من العلماء وأهل العلم والأدب والسياسة ومختلف القضايا الإنسانية، مما يجعل من ذلك رصيدًا نافعًا في مسألة تأريخ فكر سماحة الشيخ عفيف النابلسي ليبقى منارةً لدرب الأجيال اللاحقة.