موجز تعريفي مختصر بالمغيب العلامة الشيخ محمد يعقوب

الشيخ توفيق حسن علوية • ٤ سبتمبر ٢٠٢٣

سماحة العلامة الشيخ محمد يعقوب ( 1945 م – التغييب 1978 م ) اخ الامام الصدر في التاسيس والمسار والمصير .

كانت ولادة هذا العالم في لبنان وبالتحديد في بلدة مقنة البقاعية ضمن اسرة متواضعة مكافحة مؤلفة من عدة اخوة واخوات ( 12 اخ واخت ) ، وفي محل استقرار العائلة في منطقة حي السلم بالضاحية الجنوبية لبيروت تدرج الشيخ المغيب في دراسته ، وفي مدرسة العاملية حصل على شهادة البكالوريا فرع الرياضيات ، وبعدها التحق بالجامعة اللبنانية ونال اجازة في الرياضيات ، وبالموازاة تابع التخصص في فرع العلوم الطبيعية ونال اجازة في العلوم الطبيعية ، ولاحقا نال شهادة الدكتواره من جامعة السوربون في فرنسا تحت عنوان ( الاسلام بين الماركسية والرأسمالية ) ، كما انه حاز الدكتوراه الفخرية من جامعة عين شمس في القاهرة وذلك بعد محاضرات بحثية متواصلة عميقة .
ومن المعلوم انه تم تعيين شيخنا المغيب قبل رحلته الى النجف الاشرف استاذا ثانويا من قبل وزارة التربية ، ثم مديرا عاما لثانوية النبطية .
عقد شيخنا المغيب العزم على الرحيل الى العراق والى النجف الاشرف بالذات لتلقي العلوم الدينية ، وهناك ظهرت مميزاته الشخصية وابداعاته بكل قوة حتى استطاع لفت انظار الطلبة والفضلاء والمراجع ومن ابرزهم الامام الحكيم فدس سره والامام الخوئي قدس سره ، وقد اختار ان يكون تلميذا نجيبا عند المرجع الشهيد السيد محمد باقر الصدر قدس سره ، فكان ملازما له ، واللافت ان شيخنا المغيب توج جهود رحلته العلمية الى النجف الاشرف بالتعرف على الامام السيد موسى الصدر اعاده الله في منزل استاذه المرجع الشهيد السيد محمد باقر الصدر قدس سره ، واثمر هذا التعارف جملة من البركات التي اعطت للبنان كل الخيرات والمبرات .
لقد استطاع شيخنا المغيب طي المراحل الدراسية بذكاء حاد ونبوغ ظاهر ، وتم تكليفه انذاك برئاسة وفد النجف الاشرف الى المؤتمر الاسلامي في القاهرة وذلك في زمن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ، وفي المؤتمر المذكور القى كلمة ذات مضمون عال نالت اعجاب الرئيس المصري الامر الذي ادى الى نشوء علاقة خاصة ومميزة بينهما .
كان شيخنا المغيب يعيش شجون وشؤون الامة بدافع المسؤولية والتكليف الالهي ، وساهمت معرفته بالامام موسى الصدر بتجلي سعيه لحمل المسؤولية على الصعيد الميداني بجملة من الاعمال والمساهمات والانجازات ، فقد ساهم شيخنا المغيب في تأسيس حركة المحرومين وأفواج المقاومة اللبنانية التي تم اختصار كلماتها الاولى بلفظة ( أ = افواج . م = المقاومة . ل = اللبنانية ) .
لقد كان شيخنا المغيب الشخصية الاقرب والالصق بالإمام السيد موسى الصدر ، فشاركه مشروعه الانساني والوطني في لبنان بكافة مستوياته وتشعباته ، فوقف مع الامام الصدر بكل حزم الى جانب اهل الجنوب اللبناني عند تعرضهم للاعتداءات الاسرائيلية في النصف الاول من السبعينات ، ومنذ اندلاع الحرب اللبنانية عام 1975 م سعى الى وأد الفتنة وتكريس اللحمة الوطنية ، وقد ذكروا انه كان له ذاك الموقف الوطني حينما قام مع داني شمعون بإزالة المتاريس بين عين الرمانة والشياح في شارع المراية حيث اندلعت الحرب .
كما كان لشيخنا المغيب الدور المهم والبارز في انجاح المهام التنسيقية البينية بين كل الاطراف اللبنانية من جهة ، وبين لبنان وسوريا من جهة اخرى ، حيث شغل مهام منسق العلاقات بين سوريا والقوى الوطنية والتقدمية اللبنانية ، وشارك الامام السيد موسى الصدر في رحلاته الخارجية العربية منها والدولية ، وقد سجل التاريخ كلمته المهمة ومواقفه القوية والهدارة في المؤتمر العالمي لرجال الاديان من اجل السلام الوطيد الذي عقد في موسكو حيث الزم المؤتمر بكلمة مدرجة على جدول الكلمات وغير في النقاط الاساسية التي كان البيان الختامي للمؤتمر قد صيغ على اساسها واهمها موضوع العدو الاسرائيلي .
كان شيخنا المغيب كما ذكرنا لصيقا بالامام السيد موسى الصدر ، وكان بحق شريكا له في كل او جل التاسيسات ، وشريكا له في المهمات في الحل والترحال ، وشريكا له في المصير ، حيث سافر مع الامام السيد موسى الصدر والصحافي عباس بدرالدين عام 1978م في زيارة الى ليبيا وهناك تم تغييبه وتغييب الامام السيد موسى الصدر والصحافي عباس بدر الدين ، وكان اخفاء هذا الشيخ العالم العامل من افظع جراىم العصر .
لشيخنا المغيب عددا من الاولاد ومنهم النائب السابق حسن محمد يعقوب ، وإن تم تغييب شخصه المبارك من قبل الظالمين فإن حضوره الوجودي والرسالي لا يمكن تغييبه .