لا تكادُ فترةٌ من الزّمن تمرُّ الا ونقرأُ في سطور نصٍّ أو عبارةٍ :" الطّوائف في لبنان نعمة والطّائفية فيه نقمة، أو من يطلق رصاصة على دير الأحمر كأنّهُ أطلقها على عمامتي"، أو نقرأ مقالًا هنا أو قصيدةً هناك في وصف السّيد موسى الصدر،@ مؤسّس أفواج المقاومة اللبنانية أمل، فلا يمكنُ للغياب أن يغيّب فكرًا وسعَ بمداه لبنان الكيان، وتخطّاهُ لحلمٍ عربيّ كبير.
اليوم مع اشتدادِ الأزمة اللّبنانية، ومع فقدان بصيص نور قريب لانتشال لبنان من المشهد الأليم الذي خيّم عليه، يعود المرءُ لسيرة السّيد موسى الصدر، ينهلُ منها أسمى معاني الوحدة واللقاء مع الاخر، والعداء لعدو هذه الامة الابديّ والازليّ، وكانّ التّاريخ الحديث لو قُدّر له ان ينطقَ باحثًا عن أمل، لصرخَ في آذان المعنيين عن المشهد اللبنانيّ:" انهلوا من فكر الصّدر، وسيروا على خطاه الوطنيّة العابرة للطّوائف.
لو كان الصّدر حيًّا، لم يكن ليبخَلَ على هذا الوطن بالجهد والوقت والبذل، لإنجاز الاستحقاقات بما تيسّر له من اقناع ومن قاعدةٍ شعبيّة قد تبدأُ في النّاقورة ولا تنتهي في أقاصي الشّمال، ولكنّه القدر يخطفُ الكبار الكبار، بحيث يصبح الشّوق لهم، شوقًا بحجم وطن، بحجم قضيّةٍ وبحجم آلام وآمال وانسانية الإنسان.
سماحة الإمام المغيّب، تحيّة لكَ مجبولةً بتقديرٍ لهذه العمامة التي عبرت الطّوائف والمذاهب، وأصبحت مثلًا ومثالًا يحتذى وبه يُقتدى، فهل تراك الأعينُ وقد طال الموعدُ؟