يرجع أصل استراتيجية الى جذر يوناني استراتيجوس Strategos، ويعني العام General. ونقل روبرت غرين (كاتب معاصر في كتابه " استراتيجيات الحرب 2006 ") ترجمة لها بمعنى قائد الجيش أي هي قيادة. ولكن سرعان ما أصبحت كلمة استراتيجية تحمل مضموناً أكثر شمولاً من معناها الأصلي العام.
مهمة الاستراتيجية تحقيق الهدف السياسي، بغضّ النظر عن الإمكانات المتوافرة، والشروط المستكملة، إذ عليها، خصوصاً، عند مواجهة عدو متفوق ببعض المجالات الهامة، ان تعمد إلى توفير الإمكانات، وتعمل على استكمال الشروط، واختيار العمليات الأنسب، والتكتيك الأنسب، من أجل التعويض عن تفوق العدو، ومن ثم تأمين أسباب تحقيق النصر عليه. ولكن هذه العملية لا تقرر تجريدياً وإنما وفقا للوضع الملموس المحدّد.
الاستراتيجية تعتمد على إجهاد التفكير، لأن أغلب المسائل الهامة التي تواجهها الاستراتيجية، مثلاً تقويم الوضع ككل وتحديد أنسب طرق العمل ضمنه قضايا لا ترى بالعين وإنما تفهم بالتفكير المنهجي العلمي العميق بعد جمع المعلومات والتفكير بها وتنسيقها واستبعاد غير المهم وإبقاء المهم، ثم يؤخذ الوضع من كل جوانبه، وتأثير كل جانب على الآخر، وبهذا يحكم على الوضع وترسم الاستراتيجية وتعمل الخطة أو الخطط الاستراتيجية .
إن العمل في كل مجال، أو في الوضع ككل يحمل دائماً فرادة خاصة، وبالتالي تحكمه قوانين خاصة في المرحلة المحددة وفي الزمان والمكان وطبيعة كل من القوى في الصراع، فإن المحور الذي تحلّ بواسطته كل قضايا الاستراتيجية يتطلب وجود منهج علمي إبداعي في التفكير وفي الاستقصاء وجمع المعلومات، ثم في التقويم وتقدير الموقف والقرار، ثم في التخطيط والممارسة، فإن كل العملية الاستراتيجية تتوقف على دعامتين أساسيتين:
أ- الواقع الموضوعي المعطى من كل جوانبه – المادية والتقنية والبشرية والوعي والتنظيم ومن ثم ضرورة فهمه فهماً دقيقاً، وتقديره تقديراً صحيحاً.
ب- التفكير العميق الصحيح الذي يقوّم ذلك الواقع الموضوعي، ويحدد نوع الاستراتيجية التي هي أنسب ما تكون في مصلحتك، وضد مصلحة العدو. وعلى التفكير السليم أن يظلّ دائماً في مستوى كل ما يحدث من تغييرات في الواقع الموضوعي مع تلقي نتائج الممارسة، بل يكون أبعد نظراً حيث ترى اتجاهات التغيير والتطور سلفاً بقدر الإمكان. أي يجب أن تسبق عدوك بخطوة دائماً.